تعتبر مجالس الآباء والأمهات إحدى أدوات المشاركة المجتمعية في التعليم العام التي تهدف إلى تحسين العملية التعليمية من خلال المشاركة في صنع القرار ومساءلة المعنيين في المدارس والإسهام في تقديم حلول للمشاكل التعليمية التي تواجه مدارس التعليم العام، لكن من الواضح أن مساهمة هذه المجالس في عملية المساءلة لم تزل ضعيفة، إذ يقتصر دورها غالبا على تنسيق الدعم المجتمعي للمدرسة، بتوفير بعض المتطلبات المالية والمادية ودعم الأنشطة وتعزيز البنى التحتية للمدارس الحكومية، ولا يرقى لممارسة الرقابة والمشاركة في وضع السياسات أو اتخاذ القرار. أما في المدارس الأهلية فإن أثر هذه المجالس محدود جدا، ويقتصر على مناقشة مشكلات التعلم عند الطلاب ودور الآباء والأمهات في المنزل، ولا يكاد لها دور يذكر في المساءلة.
وعلى الرغم من وجود لائحة معتمدة من وزارة التربية والتعليم لتنظيم أدوار مجالس الآباء الأمهات، إلا أن تنفيذها في الواقع وخاصة فيما يتعلق بالمساءلة لا يزال محدودا، نتيجة ضعف مستوى فهم أعضاء هذه المجالس لأدوارهم وفقا للائحة، ولمحدودية إدراكهم لحقهم في المساءلة وللآليات التي يمكنهم عبرها الإسهام في رفع مستوى العملية التعليمية، وقد كشفت هذه الورقة عن وجود اختلافات في واقع المشاركة المجتمعية بين الريف والمدينة من جهة، وبين المدارس الحكومية والمدارس الأهلية من جهة أخرى، حيث كانت مدارس الأرياف أفضل من مدارس المدن في عملية المساءلة، وكانت المدارس الحكومية أفضل حالا من المدارس الأهلية من حيث فاعلية مجالس الآباء والأمهات.
ونظرا لضعف محتوى السياسات القائمة فيما يتعلق بتعزيز عملية المساءلة وخاصة مضامين لائحة مجالس الآباء والأمهات، فإن تأثير هذه المجالس سيظل محدودا في الواقع، وعلى الحكومة ممثلة بوزارة التربية والتعليم تطوير مضامين هذه اللائحة باتجاه تعزيز دور مجالس الآباء والأمهات ووضع إجراءات قوية وواضحة لتمكين أعضائها وتطوير مهاراتهم ومعارفهم في مجال المساءلة المجتمعية، لتعزيز دور مشاركة المجتمع في تطوير أداء مدارس التعليم العام.
