الإصدارات |

السلطة المحلية والمساءلة المجتمعية في اليمن

تعد السلطات المحلية في أي بلد هي السلطة الأقرب للمواطن والأكثر ارتباطا باحتياجاته ومشاكله اليومية، واليمن إحدى البلدان التي لديها تشريعات وممارسات عملية الانتخاب السلطات المحلية كممثل للمواطن في السلطة التنفيذية، وهناك قانون نافذ للسلطة المحلية ووزارة مختصة بالإدارة المحلية، وكان موضوع منح المزيد من الصلاحيات للسلطات المحلية إحدى أكثر القضايا جدلا بين السلطة والمعارضة قبل 2011.

مع دخول اليمن في تفاعلات الصراع الراهن، أصبحت السلطات المحلية إحدى أكثر أدوات ممارسة السلطة فعالية على الأرض، حيث تراجعت قبضة السلطة المركزية وتوزعت مناطق البلد بين أكثر من سلطة فعلية على مستوى المركز، وبالتالي فهي الأكثر حضورا في حياة الناس، والأقل جدلا في الوقت الراهن.

لقد زادت أهمية السلطات المحلية وأصبحت محط أنظار المنظمات الدولية في اليمن، كشريك أساسي في عمليات الإغاثة ومكافحة الأوبئة، بعد تراجع قدرة السلطات المركزية على ممارسة مسؤولياتها ومهامها على الأرض، وهذا يجعلها أكثر استحقاقا الممارسة المساءلة المجتمعية وتجويد الأداء، والتقليل من ممارسات الفساد.

من جهة أخرى فإن السلطات المحلية هي عين الفاعلين الوطنيين والدوليين لمعرفة احتياجات المجتمعات المحلية، وآليات مساعدتها، والتنسيق لمساعدتها، ومبدئيا يصعب تنفيذ أي عملية تنمية/إعادة إعمار ما بعد الصراع دون تدخل مباشر وفعال من قبل السلطات المحلية، وهذا يجعل ممارسة المساءلة المجتمعية ضرورة حتمية التجويد وتطوير أدائها.

من هذا المنطلق فإن المساءلة المجتمعية في الوقت الراهن أكثر أهمية وضرورة على المستويات المحلية، وهذا ما ستناقشة هذه الورقة، التي تناقش واقع ممارسة المساءلة المجتمعية على مستوى السلطات المحلية في اليمن، استنادا إلى التشريعات المنظمة لعمل السلطات المحلية من جهة، وإلى واقع ممارسات هذه السلطات على الأرض من جهة أخرى.

اعتمدت الورقة على مقابلات مباشرة واستمارة أسئلة مفتوحة، شملت قيادات وخبراء في وزارة الإدارة المحلية، وعدد من قيادات السلطة المحلية في أمانة العاصمة، وإب، وتعز، ومأرب، وحضرموت، وشبوة، إضافة إلى بعض الأدبيات والتشريعات ذات العلافة.